كلمة المحرر

 

ورقة "الهندوتفا" على بساط اللعبة السياسية

في الانتخابات المحلية القادمة في "أترابراديش"

 

 

 

 

        أحرز حزب «بي جي بي» (B.J.P) في الانتخابات العامة التي عقدت في الهند سنة 2014م في معظم الولايات الهندية، مما مكنه من تشكيل الحكومة المركزية، وتولي «ناريندرا مودي» رئاسةَ الوزراء في الهند غير أن الأمر الذي أثار عجب الشعب وحيرته نجاحُ الحزب الكاسح في ولاية «أترابراديش»، حيث استأثر بواحد وسبعين مقعدًا من مجموع مقاعد المجلس الإقليمي بالولاية. وأرجع المحللون السياسيون فضل ذلك إلى رئيس الحزب أكثر من المرشح لرئاسة الوزراء الهندي: «ناريندرا مودي»، وأطروا كثيرًا حنكته وحكمته السياسية، واعتبروها خارقة للعادة فاقدة للمثال.

     ثم تعرضت هذه «الحنكة السياسية» لنكسة شنيعة على يد «كجريوال» الحديث العهد باللعبة السياسة في انتخابات دهلي المحلية، رغم تجنيد رئيس حزب(B.J.P) كل طاقاته، وممارسة الحيل و التدابير كافة لكسب أصوات الناخبين، ولم يبال الحزب باستخدام ورقة «الهندوتفا» - الشعور المفرط بالهوية الهندوسية من حين لآخر، و وقعت نكسته فيها صاعقةً عليه، وارتفعت الأصوات داخل الحزب نفسه بمساءلة الضالعين في هذه النكسة. ثم جاءت الانتخابات في ولاية «بيهار»، وأطلق الحزب من الأقوال والدعاوي العريضة ما لايخفى لكسبه أكبر عدد من أصوات الناخبين، ولكنها هي الأخرى كانت قاصمةً لها؛ إذ فشل الحزب في كسب تعاطف الشعب بالولاية فشلًا ذريعًا.

     ورغم هاتين النكستين السياسيتين ظل رئيس الحزب على منصبه، وهو مصر على أن يستخدم ورقة «الهندوتفا» في الانتخابات القادمة بولاية «أترابراديش»؛ فقد نوَّه في كلماته العديدة التي ألقاها في الولاية بما يحتل رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» من الحنكة السياسية، وأن البلاد تقطع أشواط التقدم الروحي بَلْه التقدم المادي في ظل قيادته، واعتبره مدافعًا عن الثقافة الهندوسية ومحافظًا عليها ومفخرة لها. وصرّح رئيس الحزب بأنه لايألو جهدًا في استخدام ورقة «الهندوتفا» في الانتخابات المزمع عقدها في العام القادم في الولاية، علاوةً على ذلك حاول الحزب إثارة النعرات المعادية للمسلمين وتهيئة جو الكراهية والنفور تجاههم، وأكبر مثال على ذلك الانتخابات الفرعية التي شهدتها الولاية، والتي أطلق فيها زعماء الحزب تصريحات استفزازية ضد المسلمين، وأثاروا قضية بناء المعبد مكان المسجد البابري، وذكَّروا بما أصاب المسلمين في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم نتيجةَ الاضطرابات الطائفية التي شهدتها مدينة «مظفرنغر» بالولاية، وأكدوا على «أنهم سيلقنون المسلمين درسًا من شأنه أن يقوي وحدة الهندوس، ويضمن الحفاظ على الهندوسية من الإسلام». وفي جانب آخر نجد الأحزاب العلمانية المزعومة التي بإمكانها قطع السبيل على حزب «بي جي بي» إلى السلطة في الولاية لاتزال متحاربة متناحرة مختلفة فيما بينها لأغراض لا يعلمها إلا الله تعالى ولا تكاد تنتهج منهجَ القيادات العلمانية في ولاية «بيهار» التي أذاق تضامنُها ووحدتها حزبَ (B.J.P) الذل والهوان.

[التحرير]

(تحريرًا في الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة: 19/شعبان 1437هـ الموافق 27/مايو 2016م)

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ذوالقعدة  1437 هـ = أغسطس – سبتمبر 2016م ، العدد : 11 ، السنة : 40